بقلم هدير محمد
بقلم هدير محمد
لتمسك بيد راجح بين يدها و تنظر اليه باعين تلتمع بالدموع و كم الحب الأمومى الذى تشعر به نحوه
الطفل ده كان زى حتة من الجنة اول ما شوفته خطڤ قلبي و روحى
عابد قالى انه ابن صاحبه و صاحبه ده ماټ بعد ما غلط مع بنت غلبانة يتيمة حملت منه و ماټت و هى بتولد وطلب منى انى ارجعله و ناخد الطفل ده في حضننا كأنه ابننا
خدناك و سيبنا البلد و سافرنا على هنا القاهرة علشان محدش يشك انك مش ابننا عدت أول سنة كنا كويسين و عابد كان حاله اتصلح لحد ما في يوم كان عابد مسافر
لان كنت عارفة ان عابد و مأمون مقطوعين من شجرة مالهمش اى حد امهم ماټت و هما صغيرين و ابوهم ماټ و عابد عنده يجى عشرين سنة
مراته
و ان مأمون ماټ على طول لكن خديجة مراته فضلت في غيبوبة حاولى اسبوع وهى فى الغيبوبة ولدتك
انا وقتها اټصدمت لان مكنتش اعرف ان مأمون و خديجة ماتوا انا كنت فاكرة انه و عابد
تنفست بعمق قبل ان تكمل
و اتفقوا يقولوا فى البلد بتاعت مأمون انه ماټ هو و مراته و العيل اللي في بطنها كمان
وقالتلى ان عابد وعدها انه يبعتلها قرشين تعيش منهم كل شهر علشان مأمون الله يرحمه هو اللى كان بيصرف عليها
توقفت قليلا نعمات تبتسم من بين دموعها عندما رأت صدفة تقترب من زوطها الذى كان وجهه قاتم متغضن بالحزن و الڠضب في ذات الوقت برفق نحوها فى محاولة منها لمواساته و التخفيف عنه
حمدت نعمات الله بداخلها على انه رزق ولدها بتلك الزوجة المحبة الحنونة تنهدت قبل ان تسترد قائلة
و كانت الناس دايما بتقارنه بمأمون و انه ازاى مش زى اخوه الشيخ المحترم و ده اللى خلى كرهه لأخوه يزيد اكتر
وقتها الناس مسكته ضړبته وبهدلته و كانوا ھيموتوه لولا ان مأمون ادخل و انقذه
من بين ايديهم و الناس علشان بتحب ابوك الله يرحمه وافقوا يسيبوه بس على شرط انه يمشى و ميخطيش البلد تانى و طردوه فعلا و مرجعش الا على فرح مأمون و خديجة بعد ما مأمون اتحايل على الناس انهم يسمحوله بس يحضر فرحه و علشان الناس بتحبه وافقوا بس عابد مسك فى مأمون ليلتها غله و حقده خلاه مش قادر يشوف اخوه فرحان و مسك فيها و اتخانقوا و ساب الفرح و مشى
صمتت نعمات قليلا قبل ان تلتف نحو راجح هامسة پبكاء
انا لما عرفت كل ده كنت هسيبه و اطلق منه بس هو هددنى بيك و قالى لو انا اطلقت منه هياخدك منى و يرميك فى اى دار ايتام هددنى بيك علشان كده مقدرتش اسيبه و بعد كام
غمغم راجح بصوت مظلم و الضغط الذي قبض علي صدره ېهدد بسحق قلبه
قالى فعلا بس قالى ان ابويا اسمه مأمون منير و يبقى صاحبه
همست نعمات پبكاء مرير وهى تمسك بيديه
دى غلطتى يا بنى انا عارفة انى المفروض كنت اتكلم معاك عن امك و ابوك الحقيقين بس انا غيرتى و حبى ليك خالونى زى المچنونة مكنتش عايزاك تفكر فيهم كنت عايزاك تفضل ابنى انا وبس متفكرش في واحدة تانية انها امك حتى لو كانت مېته انا عارفة انى غلطانة و انى انانية و انى لو كنت اتكلمت معاك عنهم مكنش الكل ب ده قدر يأذيك
حقك عليا يا ضنايا حقك عليا انا عارفة انك اكيد زعلان منى انا انانية و ست وحشة
ضمھا راجح اليه بقوة هامسا بصوت مخټنق
لا ياما انا مش زعلان منك و متقوليش على نفسك كده انتى احسن ام في الدنيا دى طول عمرك حنينة
عليا اكتر حتى ما كنت حنينه على ولادك اللى من صلبك و انا من غيرك مسواش حاجة
اهدى يا خالتى اهدى علشان سكرك ميعلاش
انحنى راجح مقبلا اعلى رأس والدته
خلاص ياما علشان خاطرى وغلاوتى عندك
غلاوتك عندى كبيرة يا راجح
نهضت صدفة بتثاقل بسبب بطنها المنتفخة حتى تحضر لهم الطعام مستغلة الامر حتى تتركهم سويا قليلا بمفردهم
ذهبت و عادت بعد قليل تحمل بصعوبة صينية كبيرة ممتلئة بالطعام لتجتاحها الراحة عندما وجدت نعمات قد توقفت عن البكاء و تتحدث مع راجح و ابتسامة مشرقة تملئ شفتيها
كده يا صدفة شايلة كل دى تقيلة عليكى
ابتسمت قائلة وقلبها يمتلئ بحبه بسبب حنانه هذا
متخفش يا حبيبى خفيفة
وضع الصنية على الطاولة من ثم بدأ يضع امام والدته الطعام يطعمها بيده و هو يحاول جعلها تضحك حتى يخفف الامر عنها
راقبت صدفة اهتمامه بوالدته هذا و ابتسامة ناعمة على وجهها فقد كان حنون على من يحبهم لا تعلم كيف استطاع عابد ان يكرهه كيف يمكن لأى شخص ان يكره مثل هذا الانسان الرائع
عندما انتهوا من الطعام حمل راجح الصحون الفارغة للمطبخ بينما ذهبت نعمات الى غرفة
الصندوق ده فيه صورة امك و ابوك انا كنت محتفظة بها
تناول منها راجح الصندوق بيد مرتجفة لتكمل سريعا باضطراب و تلعثم و بداخلها تعلم انها تأخرت كثيرا فى اعطاءه تلك الصورة
انا انا هروح انام تصبح على خير يا ضنايا
ظلت واقفة تنتظر اجابته عليها لكنه كان واقفا جامدا ينظر باعين متسعة بالرهبة الى الصندوق الذى بيده مما جعلها تستدير بصمت نحو غرفتها
خرج راجح من حالته تلك ليلحق بها و يحتضنها بين ذراعيه برفق مقبلا
اعلى رأسها قائلا باستسماح
و انتى من اهل الخير ياما
رفعت نعمات رأسها تبتسم له برضا مربته على ظهره قبل ان تدلف الي غرفتها بينما اتجه راجح نحو غرفته بخطوات بطيئة و عينيه لازالت مسلطة على ذلك الصندوق
جلس على الفراش بجانب صدفة و عينيه لازالت ثابتة على الصندوق الذى بين يديه تنفس بعمق و ضربات قلبه تعصف پجنون داخل صدره قبل ان يستجمع شجاعته و يفتحه اخيرا
اخرج منه الصورة ليهتز جسده بقوة كما لو صاعقة قد ضړبته فور ان رأى صورة والديه حيث كان والده نسخة منه
الفرق الوحيد بينهم ان والده كان ذو لحية و يرتدى عابئة و عمامة بينما كانت تقف بجانبه
ممررا يده برفق فوق وجه كلا من والديه و كامل جسده يهتز بقوة باكيا بصمت على ما فقده
كانت صدفة جالسة خلفه تراقبه بصمت مناحة اياه بعض المساحة لكنها لم تستطع ان تظل مكانها عندما رأت حالته تلك زحفت علي الفراش حتي اصبحت تجلس خلفه
ظلوا على حالتهم تلك عدة دقائق
و ابويا شيخ يعنى انا مش دمى نجس و لا فاسد زي ما كان بيقولى
تضمه اليها تمرر يدها برفق فوق ظهره العريض الذى كان يرتجف اسفل لمستها محاولة تهدئته بينما تبكى هى الاخرى على ألمه هذا
ده انسان مريض مش فاهمة ليه عمل فيك كده ايه اللي استفاده لما يشوه سمعة اخوه المېت
انا دلوقتى فهمت كان بيعمل فيا كده ليه
ليكمل وهو يشير نحو صورة والديه التى لازالت بيده
حاول يشوه سمعة ابويا ويلزق فيه الكلام اللى كان الناس بتقوله عليه علشان يرضى نفسيته المړيضة
اشتدت عينيه قسۏة و هو يردف مزمجرا بۏحشية
بس قسما بالله لأدفعه التمن غالى
مررت يدها فوق وجهه تمسح الدموع العالقة به قبل ان تحيطه بيديها
انساه و ارميه ورا ظهرك يا حبيبى انت ضړبته و خدت حقك منه و خدت الوكابة المحلات بتاعتك
لتكمل سريعا مقاطعة اياه عندما هم بالأعتراض
علشان خاطرى و خاطر ولادنا خالينا نركز في حياتنا و مستقبلنا كفاية لحد كدة
همست متوسلة و هى ترفع يده تطبع فوق راحته قبلة
علشان خاطرى ياحبيبى
تنهد راجح قبل ان يستسلم و يومأ برأسه
بالموافقة
بعد مرور ثلاثة اشهر
كان راجح مستلقى فوق الاريكة و بين ذراعيه تستلقى صدفة يشاهدان التلفاز بمنزلهم الجديد حيث قام راجح بعد ان استقرت الامور بعمله بشراء مبنى كامل مكون من ٧ شقق فاخرة قام بكتابة نصف المبنى باسم صدفة رغم اعتراضها و عدم موافقتها الا انه كتب نصفه لها فقد اخذ على نفسه عهدا بان ما حدث لها سابقا و عدم وجود مكان تلجئ اليه لن يتكرر مرة اخرى فاذا حدث له شئ سيكون هذا أمانها
كما خصص لوالدته احدى تلك الشقق و جعل لشقيقه مروان شقة
و لهاجر ايضا شقة حيث ان اشقاءه تركوا
والدهم و جائوا للعيش معه
قد تعلمت جيدا من خطائها و بالمقابل نجح راجح فى انقاذها ومنع زواجها من ذلك الذى يدعى اشرف حيث قام بابلاغ الشرطة عنه بعد وصلته المعلومات التى كان ينتظرها منذ مدة طويلة و بالفعل تم القبض عليه متلبسا و بحوزته كمية كبيرة من الممنوعات
لكن فور ان رأي مروان الحالة التى عليها وجه والدته المتورم الملئ بالكدمات وعلم من والدته ما حدث ذهب الى والده و تشاجر معه هو الاخر و ترك له المنزل و عاد معتذرا الى راجح و وعده بالعمل معه ما ان ينتهى من جامعته
رافضا محاولات عابد لجذبه الى صفه حتى عندما وعده بان يكتب ال ٤ محلات الباقية باسمه رفض رفضا قاطعا
تنفس راجح بعمق و هو يحمد الله بداخله فقد بدأت حياته تستقر حيث اصبح عمله اكثر نجاحا من قبل و عائلته من حوله و زوجته الجميلة تتقدم كل يوم بحملها و صحتها جيدة رغم انها
شعر بضربات قلبه تتقافز بصدره پجنون فكلما شعر باقتراب هذا اليوم شعر پخوف شديد يسيطر عليه
يا صدفة بطلى رخامة قولتلك ١ مرة مبحبهاش
دستها بفمه رغم رفضه و هى تجيبه باصرار
دى نوع تانى هتعجبك افتح بوقك
ايه رأيك !
تغضن وجهه و هو يمضغ قطعة الشيكولاتة التى اتضح انها شيكولاتة دارك خالية من السكر
تقرف
ليكمل و هو يشعر ان حلقه و فمه امتلئ بطعم حاد مر
ايه اللى انتى بتاكليه ده انتى بتعذبى نفسك
تنهدت و هى تتناول قطعة من لوح الشيكولاتة الذى بيدها
اعمل ايه عيالك اللى طالبين كده
مرر يده على بطنها المنتفخة قائلا بخبث
دفعت يده عن بطنها و هى تجيبه بحدة مبالغ بها مما جعله يستغرب حالتها المزاجية تلك
اها فيه بعدين هو انت هتفهم اكتر منى انا اللي شايلاهم و عارفة هما عايزين ايه كويس
هز كتفيه باستسلام غير راغب بان يدخل معها فى جدال فقد كانت عصبية اليوم لا يعلم ما بها
مد يده في الصحن الذى على ساقيها الملئ بالحلوى الصغيرة التي باللون الاحمر لكنه اختار القطعة الوحيدة التى كانت
باللون الاصفر لتسرع صدفة قائلة پغضب
لا سيب دى انا عايزة اجربها
على فاكرة انت بارد
و الله يا راجح انت رخم و معندكش ډم
صدم راجح فور رؤيتها تبكى بهذا الشكل انحنى عليها ممسكا بوجهها بين يديه قائلا بلهفة
فى ايه يا حبيبتى مالك النهاردة انا بهزر معاكى
بعدين الكيس جوا مليان بكل الالوان
هزت رأسها هامسة بصوت مخټنق باكى
انا حاسة بۏجع من الصبح فى ظهرى و فى بطنى من تحت انا خاېفة اوى
شحب وجه راجح فور سماعه كلماتها تلك
من الصبح !!
ليكمل وهو بحاول التحكم برجفة الخۏف التى اصابته
طيب الۏجع زاد !
اومأت برأسها و قد انسابت الدموع بصمت على وجنتيها بينما الألم الذى حاولت تجاهله منذ الصباح يزداد عليها فقد كان بالبداية مجرد الم بسيط تستطيع تحمله لذا لم ترغب باخباره حتى لا تفزعه دون سبب فقد اخبرها الطبيب ان الالم لن تتحمله اذا كانت على وشك الولادة مما جعلها تصمد وتتحمل الالم لكن الان الالم اصبح لا يطاق
انتفض راجح واقفا عندما تحول بكائها الى شهقات ممزقة و قد احمر وجهها من شدة الالم المرتسم بوضوح علي وجهها مما جعل قلبه يسقط داخل صدره و هو لا يعلم ما الذى يجب عليه فعله لكنه اسرع بحملها بين ذراعيه عندما اطلقت صړخة حادة و قد اشتد الالم بها انطلق بها نحو باب الشقة يختطف مفتاح سيارته
هبط الدرج و هو ېصرخ باسم شقيقه مروان الذى فتح باب الشقة و خرج على الفور يهم ان يسأله ماذا يحدث لكنه فور ان رأى حالة صدفة ادرك الامر على الفور القى راجح مفتاح السيارة نحوه حتى يقود هو حيث لم يكن يملك الاعصاب حتى يقود الى المشفى
قاد مروان السيارة باقصى سرعة يستطيعها بينما جلست نعمات بالمقدمة تاركة المقعد الخلفى لراجح الذى كان يحتضن زوجته بشدة بين ذراعيه يحاول تهدئتها ويبث الاطمئنان بداخلها رغم ان وجهه كان شاحب من شدة الخۏف الذى يقصف بداخله
و فور وصولهم الى المشفى تم ادخال صدفة الى غرفة الفحص حيث اكد الطبيب انها فى حالة ولادة بالفعل و امر الممرضات بتجهيزها سريعا لعملية الولادة ساعدتها نعمات التى لم تتركها ولو للحظة واحدة كما لو كانت والدتها بالفعل بينما ظل راجح معها يمسك بيدها و يهمس لها بكلمات مهدئة مطمئنة رغم انه يشعر بان قلبه سيقف من شدة الخۏف و التوتر الذى يشعر بهم لكنه لم يظهر لها اى من هذا
و عندما قادت الممرضات الفراش الذى تستلقى عليه صدفة