رواية جديدة بقلم رحمة السيد
رواية جديدة بقلم رحمة السيد
متنهدا بقوة يدفنها بين ذراعيه... رحيلها أصبح هاجسه.. فكلما إختفت عن ناظريه سيشعر بشبح الفراق يلوح له من بعيد...!!!
فهمست ليال مشدوهه بعدم فهم
مالك يا يونس!
فابتعد يونس يمسك وجهها بين يداه متفحصا كل إنش بوجهها وسوداوتاه تعكس لها بذور الخۏف من الفقدان التي زرعت داخله وأي تهور صغير منها سيسقي تلك البذور لتنمو اكثر فأكثر...!
اوعي تفكري تبعدي عني ابدا
فهزت الاخرى رأسها نافية وقد استدركت خوفه لتحيط وجهه بيدها الناعمة متحسسة ذقنه النامية وهي تهمس له بكل جوارحها مؤكدة
مقدرش أعمل كده يا يونس أنت روحي.. هو في حد بيقدر يبعد عن روحه!
فأمسك هو بيدها وقد بددت هي ذلك الشعور المقيت الذي تضخم داخله ثم رفع عيناه لعيناها البنية التي اكتشف أنه يحب النظر لهما طويلا.. طويلا جدا....
وهي... هي كانت كمن تلقى ترياق للعودة للحياة بعدما ماټ فبعثها هو من جديد... بعشقه الذي أزهر زهور الذابلة... وبدأ يدفئ البرودة الثلجية الفاقدة للحنان والحب داخلها....!!
يووونس مش هينفع.. انا عايزه أروح لبابا
حينها ابتعد يونس وكلمتها جمدته مكانه ليبتعد قليلا ثم سألها بعدم فهم مستنكرا
تروحي لبابا !! تروحيله فين
فابتلعت ريقها وهي تزيح خصلاتها التي تشعثت بسبب يداه العابثة ثم هتفت بهدوء تخبره بما شغل بالها منذ عودتهم
أنا قررت أتنازل عن القضية وأخرجه
نعم !! ومين قالك إني هخليكي تعملي كده انا اللي رافع القضية ومش هتنازل
وأنا اللي إتخطفت وهعمل كده ده ابويا.. راح ولا جه أبويا ومقدرش أحبسه حتى شهر فما بالك ب سنين !!
ليمسك يونس بذراعها يضغط عليه دون أن يشعر ثم استطرد وقد فاح الألم من نبرته وكأنه يعيش تلك الليلة من جديد... بكل هواجسها و عجزها...!
طب وانا عادي اللي عمله وخلاني أعيشه عادي يمر يوم كامل معرفش انتي فين هجرتيني فعلا زي ما كان عايز يقنعني ولا لا واسأل نفسي طب لو هجرتيني عملتي كده ليه طب لو معملتيش كده يبقى اتخطفتي! طب مين اللي خطڤك وخطڤك ليه يا ترى حد بيكرهني وعايز يأذيني فيكي ولا حد عايز فلوس ولا حد اصلا وقعتي تحت ايده صدفة وطمعان فيكي وھيأذيكي!!
لأ لأ يا ليال اللي عيشته ده مش هيعدي بسهولة وبعدين يمكن لو طلع اصلا يفكر ياخدك تاني او يأذيكي او حتى يأذي بابا !!
فاقتربت منه ليال ببطء... تدرك جيدا ما عاناه وعقلها يؤيده بكل ذرة به ولكن
قلبها... ذلك القلب المتأصلة فيه الفطرة... يأبى أن يفعل ذلك بوالدها مهما فعل او سيفعل!
ساعدني عشان أرتاح يا حبيبي
فتنهد يونس بعمق وقد نجحت في سبر اغواره ليستدير لها ببطء.. يسألها للمرة الاخيرة ولم ينكر تمنيه أن تنفي
انتي متأكدة إنك عايزه تعملي كده وهترتاحي لما تعملي كده يا ليال
فأومأت ليال مؤكدة بابتسامة خاڤتة
جدا جدا
حينها بادلها يونس تلك الابتسامة الحانية
خلاص يا حبيبي وانا معاكي طالما ده اللي هيريحك.
.....................................................
بعد فترة... في مركز الشرطة.....
تنازلت ليال بالفعل عن المحضر ضد والدها تنفست بعمق... هكذا تشعر أن مارد الفطرة قد استكان مغادرا إياها بعدما نفذت ما أمرتها به فطرتها..!
خرج والدها من الحبس مع العسكري وما إن رأى ليال ويونس حتى تجهمت ملامحه ليقول والغيظ ينضح من نبرته
جايين تشمتوا فيا
ثم نظر ل ليال متابعا بازدراد
وانتي انتي إيه بنت حرام بتسجني ابوكي خسارة فيكي لقمة طفح اديتهالك وانتي صغيرة حتى
كز يونس على أسنانه بغيظ وهو يرمق ليال بنظرات ذات مغزى مرددا
شوفتي رجعت ريما لعادتها القديمة اللي فيه طبع مابيغيروش ابدا يا ليال
قاطعهم صوت الضابط الذي خرج هادئا جادا بنبرة دبلوماسية وهو يخبر حامد
الاستاذ يونس ومدامته اتنازلوا عن المحضر يا حامد
لم يستطع حامد السيطرة على أصابع الدهشة التي امتدت لتعبث بملامحه التي كانت مزدردة قاسېة لتصبح مدهوشة متصنمة...!
فأكمل الضابط مؤكدا ما سمعه حامد منذ ثوان
يلا يا حامد تعالى امضي عشان تخرج
تحت امرك يا باشا
وبالفعل اقترب حامد بلهفة ينهي اجراءات خروجه تحت أنظار ليال الساكنة ويونس الغاضبة....
وما إن انتهى وخرجوا امام المركز وقفت ليال امام والدها بهدوء وجمود تام تخبره
أتمنى إنك تخرج من حياتي نهائيا وتنسى إنك خلفت بنت في يوم من الأيام
وكالعادة لم يبخل حامد عليها فبخ سمه المدسوس بين حروفه في وجهها وهو يتشدق ب
انا اصلا مش عايزك يا بنت زينب وفعلا معنديش بنات!
ثم ألقى نظرة متهكمة تجاه يونس قبل أن يتابع
بس لما المحروس يندمك مترجعيش ټعيطي
وبعد ساعات طويلة.....
وصل كلا من بدر وأيسل البلد من جديد ولكن شتان ما بين حالهم وهم ذاهبون وحالهم وهم عائدون...!
لم يفكر بالعودة للقصر حيث فاطمة لأن أيسل وبحالتها تلك تحتاج أن تفرغ شظايا الألم التي غرزت بين ثنايا قلبها واحدة واحدة... وهو متأكد أنها لن تفعل مع فاطمة... لن تشعر فاطمة أنها لم تنجح في سد خانة الأم في حياتها لن تشعرها أنها فشلت في تعويضها....
هي نجحت.. وجدا... ولولاها لكانت حياة أيسل اصبحت اسوء واسوء ولكن الأم... تلك الفطرة التي خلقنا عليها لا ترضى سوى بالأم الحقيقية سدا لجوعها...!
يلا يا حبيبتي وصلنا
نزلت معه أيسل دون أن تنطق بحرف ودلفوا للمنزل ليجدوا الجميع جالسين على السفرة يتناولون عشائهم وبالطبع تعجب عيونهم من حالة أيسل الباهتة المدمرة....
لتنهض ليال بسرعة تتوجه نحو أيسل وهي تسألها بقلق حقيقي
في إيه مالك يا أيسل
لم ترد أيسل وإنما نظرت لها بتلك النظرة الخاوية الباردة المقتولة التي تحكي ألف قصة وقصة ليجيب بدر بصوت آسف بدلا منها
للاسف والدتها الحقيقية اټوفت النهارده وقدامنا
شهقت ليال تضع يدها على فاهها لتكتم شهقتها وقد أدركت الفجوة المؤلمة التي استوطنت روح أيسل ..
البقاء لله يا أيسل ربنا يرحمها ويغفرلها يارب ادعيلها كتيير هي دلوقتي محتاجة دعائك بس
اومأت أيسل برأسها ليتقدم منها يونس وقاسم ويهتفا
البقاء لله ربنا يرحمها يارب
فهزت رأسها بلامبالاة متمتمة بصوت شاحب خرج بصعوبة
ونعم بالله يارب
ثم تحركت دون أن تنطق بالمزيد او تنتظر
بعد اذنكم
...................................................
صعدت لغرفتها هي وبدر يتبعها بدر الذي لحق بها بسرعة ليجدها تدلف الغرفة لترمي الچاكيت الذي كانت ترتديه فوق ثوبها.. ثم وقفت بهدوء خاوي تتنفس بصوت مسموع..
يرسل لها رسالة صامتة أنه هنا.... معها ولن يتركها... أنه سيكون لها الملاذ لو ضاقت بها الدنيا... سيكون لها الدفئ لو شعرت بالبرودة تجتاحها !!...
فوضعت هي يدها على ذراعه لتقول بابتسامة مهزوزة تخفي ادراجها الكثير والكثير
انا كويسة يا بدر متقلقش
انا مش زعلانة هزعل ليه اصلا وهي عملت كل حاجة تخليني مزعلش عليها هي ماعملتليش اي حاجة حلوة